اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 349
أي: فلم يجبه. وفي مراد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وخروجه وندب الناس إلى الخروج ثلاثة أقوال:
أحدها: ليرهب العدو باتباعهم. والثاني: لموعد أبي سفيان. والثالث: لأنه بلغه عن القوم أنهم قالوا: أصبتم شوكتهم، ثم تركتموهم. وقد سبق الكلام في القرح.
قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ أي: أحسنوا بطاعة الرسول، واتقوا مخالفته.
[سورة آل عمران (3) : آية 173]
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
قوله تعالى: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ في المراد بالناس ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضماناً لتخويف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، قاله ابن عباس، وابن إسحاق. والثاني: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي، قاله مجاهد، وعكرمة، ومقاتل في آخرين. والثالث: أنهم المنافقون، لمّا رأوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتجهز، نهوا المسلمين عن الخروج، وقالوا: إن أتيتموهم في ديارهم، لم يرجع منكم أحد، هذا قول السدي.
قوله تعالى: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ يعني أبا سفيان وأصحابه.
قوله تعالى: فَزادَهُمْ إِيماناً قال الزجاج: زادهم ذلك التخويف ثبوتاً في دينهم، وإِقامة على نصرة نبيهم، وقالوا: حَسْبُنَا اللَّهُ أي: هو الذي يكفينا أمرهم. فأما «الوكيل» ، فقال الفراء: الوكيل:
الكافي، واختاره ابن القاسم. وقال ابن قتيبة: هو الكفيل، قال: ووكيل الرجل في ماله: هو الذي كفله له، وقام به. وقال الخطابي: الوكيل: الكفيل بأرزاق العباد ومصالحهم، وحقيقته: أنه الذي يستقل بالأمر الموكول إليه. وحكى ابن الأنباري أن قوماً قالوا: الوكيل: الرّبّ.
[سورة آل عمران (3) : آية 174]
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
قوله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ الانقلاب: الرجوع. وفي النعمة، ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الأجر، قاله مجاهد. والثاني: العافية، قاله السدي. والثالث: الإيمان والنصر، قاله الزجاج. وفي الفضل، ثلاثة أقوال: أحدها: ربح التجارة، قاله مجاهد، والسدي، وهذا قول من يرى أنهم خرجوا لموعد أبي سفيان. قال الزهري: لما استنفر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم المسلمين لموعد أبي سفيان ببدر، خرجوا ببضائع لهم، وقالوا: إن لقينا أبا سفيان، فهو الذي خرجنا إليه، وإن لم نلقه ابتعنا ببضائعنا، وكانت بدر متجراً يوافى كل عام، فانطلقوا فقضوا حوائجهم، وأخلف أبو سفيان الموعد. والثاني: أنهم أصابوا سرية بالصفراء، فرزقوا منها، قاله مقاتل. والثالث: أنه الثواب، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ قال ابن عباس: لم يؤذهم أحد. وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ في طلب القوم. وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ أي: ذو منّ بدفع المشركين عن المؤمنين.
[سورة آل عمران (3) : آية 175]
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
قوله تعالى: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ قال الزجاج: معناه: ذلك التخويف كان فعل الشيطان، سوّله للمخوِّفين. وفي قوله تعالى: يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ قولان:
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 349